بولس رسول الأمم أو بولس الطرسوسي

أو شاؤول

  اسماء وألقاب متعددة كلها تعود إلى أحد أعمدة الكنيسة، إنه القديس بولس الرسول الذي ولد في حوالي السنة الخامسة ميلادية في مدينة طرسوس (تركيا الحالية)، ويقال أن ولادته كانت بين الخامسة والعاشرة ميلادية، وكان اسمه العبري( شاؤول) على أسم أول ملك في أسرائيل، والروماني (بولس): "أَمَّا شَاوُلُ، وَقَدْ صَارَ اسْمُهُ بُولُسَ..." (أع 9:13) لأن اليهود اعتادوا أن يأخذوا اسما رومانيا من أجل علاقاتهم مع اليونانيين والرومانيين، وكان مواطنا رومانيا منذ مولده، "فَلَمَّا رَبَطَهُ الْجُنُودُ لِيَجْلِدُوهُ قَالَ لِقَائِدِ الْمِئَةِ الَّذِي كَانَ وَاقِفاً بِقُرْبِهِ: «أَيَسْمَحُ لَكُمُ الْقَانُونُ بِجَلْدِ مُوَاطِنٍ رُومَانِيٍّ قَبْلَ مُحَاكَمَتِهِ؟» فَمَا إِنْ سَمِعَ الضَّابِطُ ذَلِكَ حَتَّى ذَهَبَ إِلَى الْقَائِدِ وَأَخْبَرَهُ بِالأَمْرِ، وَقَالَ: «أَتَعْلَمُ أَيَّةَ مُخَالَفَةٍ كُنَّا سَنَرْتَكِبُ لَوْ جَلَدْنَا هَذَا الرَّجُلَ؟ إِنَّهُ رُومَانِيُّ الْجِنْسِيَّةِ !» فَذَهَبَ الْقَائِدُ بِنَفْسِهِ إِلَى بُولُسَ وَسَأَلَهُ: «أَأَنْتَ حَقّاً رُومَانِيٌّ؟» فَأَجَابَ: «نَعَمْ!» فَقَالَ الْقَائِدُ: «أَنَا دَفَعْتُ مَبْلَغاً كَبِيراً مِنَ الْمَالِ لأَحْصُلَ عَلَى الْجِنْسِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ». فَقَالَ بُولُسُ: «وَأَنَا حَاصِلٌ عَلَيْهَا بِالْوِلاَدَةِ!» وَفِي الْحَالِ ابْتَعَدَ عَنْهُ الْجُنُودُ الْمُكَلَّفُونَ بِاسْتِجْوَابِهِ تَحْتَ جَلْدِ السِّيَاطِ، وَوَقَعَ الْخَوْفُ فِي نَفْسِ الْقَائِدِ مِنْ عَاقِبَةِ تَقْيِيدِهِ بِالسَّلاَسِلِ، بَعْدَمَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ." (أع 25:22-29) أهتم بدراسة الشريعة اليهودية منذ سنته العاشرة، وفي الرابعة عشرة ذهب إلى أورشليم ليكمل تعليمه، "، وتتلمذ على يد غاملائيل الفريسي أحد أشهر معلمي اليهود في ذلك الزمان ويحترمه الشعب كله، وهو المختون في اليوم الثامن، من نسل أسرائيل، من سبط بنيامين .. وفي الشريعة فريسي (فل 5:3)، وكانت وفاته بين سنتي 64 و 67 في مدينة روما. وتعلم صناعة الخيم، "وَإِذْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مِهْنَتِهِمَا، وَهِيَ صِنَاعَةُ الْخِيَامِ، أَقَامَ عِنْدَهُمَا وَكَانَ يَشْتَغِلُ مَعَهُمَا."(أع 3:18)، وإنه قديس تبجله جميع كنائس المسيح، ويعتبر أحد قادة الجيل المسيحي الأول وقد يمكن أن نعتبره أهم شخصية بعد المسيح في تاريخ المسيحية، بالرغم من عدم التقائه بالمسيح في حياته، عرف برسول الأمم لأنه بشر آسيا الصغرى وأوربا كما لقب مع بطرس الرسول بعمودي الكنيسة.

كان في حياته متحمسا ذو ميول متطرفة، حارب الكنيسة الناشئة لأنه كان يعتبرها فرقة يهودية ضالة تهدد الديانة اليهودية الرسمية، وأظهر غيرة شديدة على الشريعة وحفظ التقليد وكان أول ظهور له وهو يراقب شهيد الكنيسة الأول (أسطيفانوس) عندما تم رجمه حتى الموت وهو يحرس ثياب الراجمين!!!، " وَخَلَعَ الشُّهُودُ ثِيَابَهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ شَابٍّ اسْمُهُ شَاوُلُ لِكَيْ يَحْرُسَهَا." (أعمال 58:7) الأمر الذي حدث بين سنتي (33-37م)، وكان بكل تأكيد راضيا بما يقومون به، رغم كونه صغيرا وقتها، وبعد ذلك عمل للحصول على موافقة الكهنة اليهود بتتبع المسيحيين حتى مدينة دمشق كي يسوقهم موثقين إلى أورشليم. لأنه أحسّ بأن المسيحية الفتية تعتبر خطرا كبيرا خاصة بالنسبة له كيهودي متدين الذي كان يعتقد أن عليه مقاومة اسم يسوع الناصري بكل جهده، "وَكُنْتُ أَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ أَبْذُلَ غَايَةَ جَهْدِي لأُقَاوِمَ اسْمَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ."(أع 9:26)، لكن المسيح حوله من مضهد له إلى رسول وإناء مختار. وكان الطريق إلى دمشق هو الفيصل الذي غير مجرى حياته من خلال رؤيا جعلته يفقد البصر وغيرت لاحقا كل مجريات حياته (أعمال الرسل فص9) كيف لا وأن نور من السماء أشرق عليه وحاوره يسوع وأقنعه بأنه المسيح الموعود، القائم من بين الأموات، وكانت دمشق هذه المدينة السورية مكان الوعد بأعادة نظره من قبل حنانيا الذي عمده ومن حينها عرف باسمه (بولس).

بولس كإنسان:

إنه يتمتع بغنى بشري وروحي عظيم، مفكر وعبقري، صاحب عاطفة إنسانية ورقة في التعامل: "سَلِّمُوا عَلَى رُوفُسَ الْمُخْتَارِ فِي الرَّبِّ، وَعَلَى أُمِّهِ الَّتِي هِيَ أُمٌّ لِي." (رو 13:16)، محب ويعرف معنى الصداقة (غل 15:4، 19) لا يعرف الكذب.. حازم .. شجاع .. متوازن يعرف كيف يعطي ذاته كلها، أعطى نفسه للمسيح، حمل هم كل الكنائس (2كور 28:11) كان خاضعا لنداءات المسح (أع 9:16)، أهتم بالمشاركة في الايمان (غل 2:2) والأمانة للتقليد الآتي من الرب (1كو 23:11-24، 1:15-12)، وعرف أن المسيح قد جاء من أجل الجميع فطلب أن يكون كلا للكل (1كور 22:9)، بمعنى آخر أنه حمل إنجيل المسيح لكل الناس.

رحلاته:

قام بعدد من الرحلات الرسولية ثلاثة أو أربع رحلات، لأن بعظهم يدمج بين الرحلات ليختصرها إلى ثلاث،

صورة:Paul1.jpgفالأولى بين سنتي (45-49) ميلادية:

صورة:Paul1.jpg

صورة:Paul1.jpg

صورة:Paul1.jpg 

 

مكث بولس لفترة من الزمن في مدينته طرسوس ومن ثم انضم إلى برنابا وذهبا معاً إلى أنطاكية حيث وعظا فيها سنة كاملة، ومن هناك انحدروا إلى منطقة اليهودية حاملين معهم مساعدات من كنيسة أنطاكية. وبعد أن أكملا مهمتهما غادرا أورشليم يرافقهما مرقس. من أنطاكية بدأ بولس رحلته التبشيرية الأولى رافقه فيها برنابا وفي قسم منها ابن أخت هذا الأخير مرقس. فعبروا البحر إلى قبرص وبعد ذلك إلى جنوب الأناضول (بيرجة، بيسيدية، ايقونية، لسترة، دربة). كان بولس ورفاقه يتبعون أسلوبا معيناً في الدعوة، فقد كانوا يتنقلون من مدينة إلى أخرى ينادون بالخلاص بيسوع المسيح في مجامع اليهود وفي الأسواق والساحات العامة حيث أوجدوا جماعات مسيحية جديدة وأقاموا لها رعاة وقساوسة. انقسم اليهود من سامعيهم بين مؤيد ومعارض، وأما بولس فقد حول وجهه صوب الوثنيين ليتلمذهم هم أيضاً على ما يؤمن به.

 

مجمع أورشليم

حوالي عام 48 م وقعت أزمة بين مسيحيي أنطاكية حول مسألة الختان عندما وصل إلى المدينة مسيحيون ذو خلفية يهودية يطالبون بضرورة تطبيق شريعة الختان على المسيحيين القادمين من الديانات الوثنية لكي ينالوا الخلاص، أما بولس وبرنابا فقد خالفا ذلك بشكل كبير، ولما لم يتمكنا من حل المسألة أرسلت كنيسة أنطاكية بهما مع أناس آخرون إلى الرسل ومشايخ أورشليم للنظر في الأمر. وتم عقد ما يعتبره مؤرخوا الكنيسة أول مجمع كنسي وهو مجمع أورشليم وافقت فيه الكنيسة على مقترحات بولس وبرنابا بأن لا يلزم الوثنيون المؤمنون بالمسيح بالختان وإنما يكتفى منعهم عن "نجاسات الأصنام والزنى والمخنوق والدم" بحسب وصف كاتب سفر أعمال الرسل. وتم بعد ذلك المجمع تحديد المهام التبشيرية في الكنيسة، حيث أصبح بطرس - مع ويعقوب البار ويوحنا بن زبدي - رسول للختان (أي اليهود)، وبولس - مع برنابا - رسول للأمم (أي الوثنيين). وبفضل ذلك المجمع أيضاً تحدد وجه المسيحية كديانة مستقلة وليس كفرع من فروع اليهودية.

والثانية بين (49-52):

 

في الرحلة الثانية  أراد برنابا اصطحاب مرقس معهما ولكن بولس لم يوافق على ذلك فوقع شجار فيما بينهما افترقا على أثره، ومضى بولس في طريقه مع سيلا أحد الوعاظ المسيحيين. كان هدف بولس الرئيسي من تلك الرحلة هو المرور على الجماعات المسيحية التي أقامها في جنوب الأناضول خلال رحلته الأولى لتفقد أحوالها، وفي لسترة التقى بتيموثاوس الذي انضم إليه هو الآخر، ثم تابع طريقه باتجاه الشمال حتى وصل إلى الدردنيل ومن هناك عبر إلى اليونان. وفي تلك البلاد أسس بولس كنائس جديدة في فيلبي وتسالونيكي وبيرية وأثينا وكورنثوس. وخلال إقامته الطويلة نوعاً ما في كورنثوس قام بولس بكتابة رسالتيه الأولى والثانية إلى أهل تسالونيكي (حوالي عام 52 م)، ومن المحتمل أنه كتب في تلك الفترة أيضا رسالته إلى الغلاطيين، مع أن بعض الباحثين يرجحون احتمال أن تكون هذه الرسالة – المكتوبة في أنطاكية - هي باكورة أعماله، بينما يذهب آخرون إلى أنها كتبت في فترة لاحقة في مدينة أفسس. أبحر بولس بعد ذلك إلى قيصرية في فلسطين ومنها قام بزيارة لأورشليم ومن ثم عاد إلى أنطاكية.

وفي الثالثة بين (53-58):

 أخذت الرحلة الثالثة  بولس إلى غلاطية ثم إلى فريجية ومنها إلى أفسس، وكانت فترة العامين والنصف التي قضاها في أفسس هي أكثر فترات حياته إثماراً، كتب فيها رسالتيه الأولى والثانية إلى أهل كورنثوس (حوالي عام 56 م). بعدها ذهب بنفسه إلى كورنثوس حيث يعتقد أنه كتب فيها رسالته إلى أهل روما، ثم عاد إلى أفسس وبعدها إلى أورشليم حيث اعتقل فيها، وكانت تلك هي زيارته الأخيرة للمدينة المقدسة (بين عامي 57 و 59 م).

أما رحلته الرابعة فبين (63-67) والتي جاءت بعد أسره في أورشليم مدة سنتين حيث أبحر إلى روما ولمدة سنتين هناك كتب رسالته إلى قولسي وأفسس وفيلبي وإلى تلميذه فيلمون، وقام برحلته شرق المتوسط (1طيم 3:1 و 5:1) وفي ذلك الوقت كتب رسالته إلى طيطس وطيماثيوس وفي أسره بروما كتب رساته الثانية إلى طيماثيوس وكان استشهاده في روما أبان اضطهاد نيرون للمسيحيين (أع 28:27).

اعتقاله وموته

في فترة الخمسينات زار بولس أورشليم مع بعض مسيحيي الأمم الذين آمنوا على يديه، وهناك تم اعتقاله لأنه قام بإدخالهم (وهم يونانيون) إلى حرم الهيكل، وبعد سلسلة من المحاكمات أُرسل إلى روما حيث قضى فيها آخر سنين حياته. بحسب التقليد المسيحي فأن بولس أعدم بقطع رأسه بأمر من نيرون على أثر حريق روما العظيم الذي اتهم المسيحيون بإشعاله عام 64م.

رسائل العهد الجديد المنسوبة لبولس

بشكل العام هذه هي الرسائل التي تنسب عادةً لبولس الرسول:

مميزات الرسول بولس:

الميزة الأولى:هي كونه رأى الرب (1كور9:1)، أي كونه التقى الرب في لحظة معينة من حياته، (غل 15:1-16) حيث يقول: أنه دُعي، وأختير إلى حد ما، بنعمة الله عبر وحي ابنه لاجل اعلان البشرى السارة للوثنيين. ويقول أيضا :"أنه مدعو ليكون رسولا"(رو 1:1)، أي "لا مِنْ قِبَل الناس ولا بمشيئة إنسان، بل بمشيئة يسوع المسيح والله الآب الذي أقامه من بين الأموات" (غل 1:1)، فهذه هي خاصيته الاولى كونه قد رأى الرب وتلقى دعوة منه.

الميزة الثانية: هي أن يكون قد أُرسِلَ وذلك يستوجب عليه أن يتصرف كوكيل وكممثل للذي أرسله، ولذلك نجده يعرّف نفسه "رسول يسوع المسيح" (1كور 1:1، 2كور 1:1)، أي وكيله القائم على خدمته بالكامل، لدرجة أنه يسمي ذاته أيضا "خادم يسوع المسيح" (رو 1:1).

الميزة الثالثة: وهي عيش "التبشير بالإنجيل"، عبر تأسيسه للكنائس، ولُقبَ بالرسول لم يأتي بصورة فخرية بل من خلال العمل حيث يقول: "ألستُ رسولا؟" أو ما رأيت يسوع ربنا؟ ألستم صنيعتي في الرب" (1كور 1:9) وأيضا في موضع آخر يقول: "أنتم رسالتنا .. رسالة من المسيح، أُنشئت عن يدنا، ولم تكتب بالحبر، بل بروح الله الحي" (2كور 2:3-3).

ويلتصق بمحبة المسيح بشكل صميمي بقوله: "فَمَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ لَنَا؟ هَلِ الشِّدَّةُ أَمِ الضِّيقُ أَمِ الاِضْطِهَادُ أَمِ الْجُوعُ أَمِ الْعُرْيُ أَمِ الْخَطَرُ أَمِ السَّيْفُ؟ بَلْ كَمَا قَدْ كُتِبَ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُعَانِي الْمَوْتَ طُولَ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا كَأَنَّنَا غَنَمٌ لِلذَّبْحِ!» وَلكِنَّنَا، فِي جَمِيعِ هَذِهِ الأُمُورِ، نُحْرِزُ مَا يَفُوقُ الانْتِصَارَ عَلَى يَدِ مَنْ أَحَبَّنَا. فَإِنِّي لَعَلَى يَقِينٍ بِأَنَّهُ لاَ الْمَوْتُ وَلاَ الْحَيَاةُ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ وَلاَ الرِّيَاسَاتُ، وَلاَ الأُمُورُ الْحَاضِرَةُ وَلاَ الآتِيَةُ، وَلاَ الْقُوَّاتُ، وَلاَ الأَعَالِي وَلاَ الأَعْمَاقُ، وَلاَ خَلِيقَةٌ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (روم35:8-39).

وتصرف وتحدث الرسول بولس عن خدمته التي تميزت كما جاء في الرسالة إلى (2كور 3:6-10) "وَلَسْنَا نَتَصَرَّفُ أَيَّ تَصَرُّفٍ يَكُونُ عَثْرَةً لأَحَدٍ، حَتَّى لاَ يَلْحَقَ الْخِدْمَةَ أَيُّ لَوْمٍ. وَإِنَّمَا نَتَصَرَّفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِمَا يُبَيِّنُ أَنَّنَا فِعْلاً خُدَّامُ اللهِ: فِي تَحَمُّلِ الْكَثِيرِ؛ فِي الشَّدَائِدِ وَالْحَاجَاتِ وَالضِّيقَاتِ وَالْجَلْدَاتِ وَالسُّجُونِ وَالاضْطِرَابَاتِ وَالأَتْعَابِ وَالسَّهَرِ وَالصَّوْمِ؛ فِي الطَّهَارَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَطُولِ الْبَالِ وَاللُّطْفِ؛ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْمَحَبَّةِ الْخَالِصَةِ مِنَ الرِّيَاءِ؛ فِي كَلِمَةِ الْحَقِّ وَقُدْرَةِ اللهِ؛ بِأَسْلِحَةِ الْبِرِّ فِي الْهُجُومِ وَالدِّفَاعِ؛ بِالْكَرَامَةِ وَالْهَوَانِ؛ بِالصِّيتِ السَّيِّيءِ وَالصِّيتِ الْحَسَنِ. نُعَامَلُ كَمُضَلِّلِينَ وَنَحْنُ صَادِقُونَ، كَمَجْهُولِينَ وَنَحْنُ مَعْرُوفُونَ، كَمَائِتِينَ وَهَا نَحْنُ نَحْيَا ، كَمُعَاقَبِينَ وَلاَ نُقْتَلُ، كَمَحْزُونِينَ وَنَحْنُ دَائِماً فَرِحُونَ، كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ، كَمَنْ لاَ شَيْءَ عِنْدَهُمْ وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ". وهكذا فعلا كانت خدمته ولم يكن بإمكان أحد اتهامه بما ينافي الأخلاق والآداب وكان ذا علمٍ موهب به من الله وكانت محبته بلا رياء، ويمارس بشارته بقوة الله، وكان يحارب بنشر رسالته بأسلحة البر في الهجوم والدفاع وهذا ينم عن تفكيره بأن الأخلاق المسيحية الجيدة هي أحسن سلاح في كلتا الحالتين.

ويمكننا أن نقول أن الآية الرئيسية في حياته كانت: " فَالْحَيَاةُ عِنْدِي هِيَ الْمَسِيحُ، وَالْمَوْتُ رِبْحٌ لِي. وَلَكِنْ، إِنْ كَانَ لِي أَنْ أَحْيَا فِي الْجَسَدِ، فَحَيَاتِي تُهَيِّيءُ لِي عَمَلاً مُثْمِراً. وَلَسْتُ أَدْرِي أَيَّ الاثْنَيْنِ أَخْتَارُ!" (فيلبي 21:1-22). فيا ليتنا لو اقتدينا بهذا الرسول العظيم وتكون حياتنا جزءا مما عمل أو وصل إليه ونربح نفوسنا ونوفوس أخوتنا البشر، فالمجد للرب يسوع بإعطائه مثل هكذا رسول لنا لكي بواسطة تعاليمه نرث المُلك المعد لنا منذ إنشاء العالم.