ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

كتابات عامة

 

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

" الياس الموصلي وأول رحلة شرقية إلى أميركا 1668-1683م"

د. بشار واثق العبوسي

                                                                                                                                                           

 

 13 أب 2009

      هو الياس ابن القسيس حنّا الموصلي الكلداني، من عائلة عموده أوعمون. لاتوجد إشارة إلى تاريخ ميلاده، او وفاته ولا من هو أبوه أو أمه أو إخوته. وعلى الرغم من ذلك يُذكر أن له إخوة لعبوا أدواراً مهمة في الحياة الدينية والاجتماعية مابين الموصل وحلب.

 

       تعود رحلة الياس الموصلي لأميركا إلى النصف الثاني من القرن السابع عشر،وتبدأ رحلته في ربيع عام 1668م من بغداد إلى الشام قاصداً بيت المقدس للحج، وبعد أداء الحج في الأماكن المقدسة، اتجه إلى مدينة حلب وأمضى أياماً فيها ليغادرها إلى ميناء الاسكندرونة ومن ثم أستقل مركباً انكليزيا قاصداً أوربا في الطريق إلى البندقية الذي أستمر 70يوماً من الإبحار مر بقبرص وكريت. وفي البندقية بعد الحجر الصحي 40 يوماً تمتع بـ20يوماً من التنزه وزيارة الكنائس ثم غادر إلى روما ومكث ستة أشهر التقى فيها بالبابا وزار الأماكن المقدسة، ثم غادرها عبر فلورنسا وليفورنا وجنوا إلى فرنسا. فتوجه من مرسيليا إلى أوبنيون فليون التي فيها التقى بالقنصل الفرنسي السابق في حلب وبغداد، وفي باريس زار الملك لويس الرابع عشر وأخاه أورليانوس والأمير سانت أينيان ونال منهم حفاوة وتكريم. ثم قصد أسبانيا ووصل مدريد حاملاً رسائل من البابا اكليمونس التاسع إلى ملكة العرش الاسباني، ثم مضى بجولاتٍ بين المقاطعات الايطالية وجزيرتها، ليعود بعدها إلى مدريد مرةً أخرى حيث استقبلته الملكة ثانيةً، ومنها توجه إلى البرتغال وفي لشبونة حل ضيفاً على الأمير دون بيدوا لسبعة أشهر، ثم عاد إلى مدريد وأقام في ضيافة الأمير الدوق ده أوبرو، وفي قصره التقى بملكة أسبانيا التي استخرجت له تصريحاً للقيام بأعمال القداس السرياني الشرقي للملك في كنيسته، فنال أعجاب الملك. وفي هذه الأثناء التقى رئيس "ديوان التفتيش". وتقديرا له ولأعماله، تسأل الملكة الموصلي إن كان يطلبُ شيئاً تنعم به عليه، فيستمهلها الوقت ويستشير أصدقاءه، وعلى رأسهم رسول البابا في مدريد الكاردينال ماريسكوتي، فينصحونه بأن يطلب من الملكة الحصول على تصريح هو بمثابة أمر قاطع يجيز له العبور إلى أميركا أو "بلاد هند الغرب".

 

      وفي اليوم الثاني عشر من شهر فبراير عام 1675م أي بعد مرور سبع سنوات على مغادرته بغداد، وصل الموصلي إلى قادش، وفيها التقى دون نيقلاس ده كوردووا جنرال السفن الذي أفرد له غرفة خاصة في السفينة الملكية التي تبحر إلى أميركا مرة كل ثلاث سنوات وتُحضر من هناك خزينة الملك من المال الذي يجبى للعرش من ثروات المستعمرات. وهنا يتبين مدى الاهتمام الذي حظي به الموصلي على الصعيدين الرسمي والكنسي في كل من مدريد وروما، علماً أن ركوب السفن في تلك الفترة كان حِكراً على الأسبان فلم يكن يسمح لتاجر أو كاهن غريب عن جنسهم أن يسافر إلى تلك البلاد لاعتبارات دينية واقتصادية، إذ أن التجارة والتبشير بالإيمان الكاثوليكي كان حصراً على الأسبان.

 

      وفي طريقه إلى أميركا مر الموصلي بجزر الكناري ليصل في أخر المطاف إلى أول مدينة في العالم الجديد وهي كراكاس، فجزيرة مرغريتا، فكرتاخينا، وبورتوبيلو في فنزويلا، ثم إلى باناما، مرورا بمئات المدن والقرى والجزر. وتجول في البيرو وغواتيمالا، وكولومبيا والتشيلي وبوليفيا، ووصل إلى مناطق خط الاستواء، وزار مناجم الفضة والذهب والزئبق في المستعمرات. وفي طريق عودته إلى أوربا، بعد سياحة دامت ثماني سنوات، زار المكسيك التي يسميها في رحلته (بلاد ينكي دنيا)، وأميركا الوسطى، وتوقف في جزيرة كوبا. فكر الياس بالعودة إلى وطنه العراق، عبر الفلبين الا ان عائقاً حال دون ذلك، أستقل الموصلي من كوبا سفينة إلى أسبانيا، فروما وذلك عام 1683م حاملا معه هدايا إلى البابا أنوسنت الحادي عشر.

      ومن الجدير بالذكر أن البابا انوسنت الثاني عشر خلف البابا السابق، قد خلع عليه إلى جانب ملك اسبانيا ألقابا عدة منها بروتونوتاريو رسولي وحامل صليب مار بطرس وكونت بالاتينو، وكاهن كنيسة ملك اسبانيا، فضلاً عن منصبه الشرقي الذي منحته له الملكة مشرفاً على كنيسة بغداد الكاثوليكية.

      إلى جانب تركيز الموصلي في رحلته على رجال الدين الكاثوليكي ورؤساء محاكم التفتيش الأسبان وحكام المدن والبلدان الذين عادة كان يحمل إليهم توصيات من أصدقائه إضافة إلى الخدمات الدينية كإقامة القداديس والتبشير، فلم يغفل في رحلته عن وصف المدن والطرق والقصور والجبال والأنهار وكل ماوقعت عليه عيناه ،كما ذكر الناس الذين التقاهم مشيرا إلى طرق معيشتهم وطبائعهم، إضافة إلى اهتمامه بوصف بعض الحيوانات والطيور والنباتات التي رآها والإشارة إلى الهدايا التي كان يحملها معه.

      أما وفاته فيرجح انه مات ودفن في روما، وبرهان ذلك وجود كتاب للصلاة باللغة العربية مطبوع في روما عام 1692م، يحمل أشارة إلى الموصلي بصفته الشخص الذي أنفق على طباعته.

 

 

 

 

 

المصادر:

 1- الذهب والعاصفة رحلة الياس الموصلي إلى أميركا أول رحلة شرقية إلى العالم الجديد1668-1683، تقديم: نوري الجراح، ط1، دار السويدي للنشر والتوزيع-2001.

 2- يعقوب سركيس، رحلة أول شرقي إلى أمريكة وهي سياحة الياس ألخوري حنا الموصلي، مخطوطة بالدار الوطنية للمخطوطات.

 

 

 

أعلى الصفحة

  العودة للصفحة السابقة