ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

كتابات عامة

                                                                                                                                                    

 

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

 

  الزواج عند يهود بغداد

د. وسن حسين محيميد

 

                                                                                                                                                           

 30 كانون الثاني 2010

 

        اختلفت  مناهج وأساليب الزواج عند يهود بغداد اختلافاً يُذكر عن جيرانهم من المسلمين  والمسيحيين حتى إن اغلب البغدادين يجهلون اليوم جل عاداتهم والتي سنعطي نبذة عنها.

         فإذا عزم الشاب اليهودي على الزواج أطلع والديه على مايدور في خلده (هذا إذا كان والداه على قيد الحياة وإلا فيكاشف بما في صدره أقرباءه أو أحد معارفه) فيستدعي الأبوان احد دلالي الفتيات ويعرضان عليه مسئلة ولدهما فيأخذ الدلال ويصف لهما حالاً بعض الفتيات اللواتي  يعرف أسماءهن ويذكر كل منهن واسم أبويها ولقب أسرتها ويثنى  على مناقبها ومحاسنها فإذا صادفت أحداهن حظوة وراقتهما يخبران عنها ابنيهما ويأخذانه معهما إلى دار والديها حتى يراها بعينه. فإذا رآها الشاب وأعجبه حسنها وآدابها يخبر والديه بأنها قد وقعت في نفسه فيأخذان بمساومة الدلال في أمر الصداق (الدوطة) فيعرض عليهما الرجل قدراً من المال فإذا وجداها زهيدة بالنسبة إلى مقام ابنهما يقولان له بكل تصريح إن ثمن ولدنا لأكثر مما دفعت له فيذهب الدلال إلى أهل الفتاة ويقنع والديها أن يزيدا نقود المهر لان الفتى من زهرة الشبان النجباء ومن نخبة الفتيان الأدباء النبلاء وآهل لكل المحامد والفضائل وهو جدير بان يدفع له مبلغ يجذبه إلى الابنة.وبعد أن يتم الاتفاق بين آهل الفتى والفتاة تعلن الخطبة على رؤوس الأشهاد ويختلف المهر (الدوطة) حسب حالة الفرد فلا يكون مهر ابنة الغني كمهر ابنة التاجر أو الصانع بل تختلف اختلافاً كبيراً فالفقراء منهم يدفعون غالباً من عشر ليرات إلى ثلاثين ليرة وأما المتوسطون فمن خمسين ليرة إلى ثلثمائة وأما التجار والأغنياء فمن خمسمائة إلى ألف أو ألفين.

        ويعرف عقد الخطبة عند اليهود باسم "التقديس" (واللفظة غير عربية) ويقولون فلان قدس فلانة وفلان مقدس وفلانة مقدسة. بمعنى خطب ومخطوبة وخطيب.وتتم الخطبة بان يحضر العروسان مع الوالدين والأقرباء والأصحاب والمدعوين إلى ردهة فسيحة فيقوم الحاخام ويأخذ بيده قدحاً من الشراب الفاخر ويباركه ثم يناوله الخطيب فيشرب نصفه ثم يقدمه إلى الخطيبة فتكرع ثمالته ثم ترده إلى خطيبها فيأخذه ويكسره أمام الحضور دلالة على أن الوفاق قد تم بينهما ولم يعد في طاقة احدهما رفض صاحبه اورفض عقد الخطبة بلا مسوغ شرعي فإذا ألقى القدح تتلقف الحضور كسره وكل من يحصل على كسره منه يعد نفسه سعيداً لأنه يعتقد إنها بمنزلة آنية مقدسة ويتيمن بها فإذا تم ذلك تقدم أطباق الحلوى إلى الجمهور وبعد أن يأكلوا منها ينتهي عقد المحفل ويذهب كل منهم إلى داره داعياً للخطيبين بالسعد والفلاح.

       وفي اليوم التالي يرسل الخطيب إلى خطيبته عقداً ثميناً أو حجراً كريماً اوغيرهما من الهدايا النفيسة والحلويات مع دلال الفتيات الذي يتقاضى على ذلك نقوداً من الخطيب.

      وبعد أن يتم جهاز العروسة ويدنو أوان الاقتران تدفع البائنة  إلى العروس بعد أن انفق منها جزءاً في مشترى حلى وثياب للعروسة وأثاث للبيت فإذا كان العريس غنياً ضمها إلى دراهمه وإذا كان تاجراً أضافها إلى رأس ماله وإذا كان مفلساً أصبح ذا رأس مال يتاجر به.غير انه يؤخذ من الصداق مبلغ معلوم يخصص لدار السكنى ويسمى بلسانهم (مشكنتى) ولا يجوز للزوج أن يتصرف فيه اللهم إلا إذا مست الحاجة إلى ذلك.

      وقبل أن تكون ليلة الزفاف يرسل العريس بدراهم إلى العروسة من جيبه الخاص لتنفقها على نفسها ورفيقاتها في الحمام.وفي ليلة الحناء يقرع أهل العروسة الدنبركة من المساء حتى الصباح ويوقدون شمعتين بالتناوب في وسط لقن مملوء قمحاً وتوقد الشمعة الأولى إلى نحو نصف الليل ثم تليها الأخرى حتى الفجر.فتطرب النساء والصبيان وبعض النساء ياتين وهن حاملات أطباق الحناء فيحنئن أطراف أصابع العروسة بقموع فترفع أصابعها إلى فوق إلى أن يجف الخضاب ثم تنقض عليها الفتيات ويخطفن القموع من أصابعها لانهن يعددن ذلك تبركاً وسعادة واغلب الخاطفات يكن من الصبايا العذارى وفي اليوم التالي يتم عقد الزواج يذهب العريس إلى بيت العروسة ومعه المدعوون والأقرباء والرفقاء فيجلس في صدر الردهة وعن يمينه "الشبين" وفي لسانهم يدعى"اشبنيم"والعروسة في حجرة أخرى خاصة بالنساء ومما يحتم على والدي العروسة أن يحضرا آلات الطرب كالموسيقى والجالغي والدف والدنبك ونحوها لتطرب الحضور بألحانها الشجية.وبعد مضي ساعات يقوم الحاخام ويعقد عهد الزواج ثم تدار أقداح الشراب وأطباق المرطبات والحلوى على الحضور فيأخذ العريس المدعوين إلى داره وتأخذ النساء معهن العروسة ويرافقنها إلى قرينها ثم ينفض المجلس وهم يدعون للعروسين بالرفاه والبنين.

        ومن العادات التي لاتوجد عند غير يهود بغداد هي انه عند زفاف العروسة إلى عريسها (ليلة الدخلة) تختلي معهما عجوز لتكون شاهدة عياناً على ثوب عفاف العروسة ولهذه العجوزة مشاهرة تتقاضاها من الكنيس في غرة كل شهر قياماً بمهنتها هذه وهناك بضع عجائز قد أقمن لهذه الغاية وإذا اعترض احد على هذه العادة الذميمة يفحمونه بما ورد في هذا المعنى في (سفر التثنية13:22) إذ يقولون إن مثل هذا الاحتياط يحفظ الشابين من كل مالا تحمد عقباه ومما اعتادوا عليه في مثل هذه الليلة أنهم لايسمحون ببقاء الماء في حجلة العروسة والعادة عند الأغنياء والمتوسطين منهم هي عندما يدخل الزوج على زوجته تصدح الموسيقى بإلحانها المطربة.وتقف والدة العروسة وبعض النسيبات عند باب مقصورة العروسين أو بالقرب منها وهن يهلهلن وبعد أن يدنو الزوج من زوجه لايجوز له بعد ذلك أن يتقدم منها الابعد مضي سبعة أيام وأحياناً خمسة عشر يوماً لأنهم يعتقدون أن ذلك لا يخلو من فوائد طبية وفي أثناء هذه المدة لا تترك العروسة وحدها في خدرها لكي لا تكون فتنة لزوجها قبل المدة المضروبة للملاقاة الثانية.ومن عاداتهم القديمة أن العروسة تجلس في الوسط وعن يمينها وشمالها امرأتان وعلى رأس كل منهما أزار إلا أن هذه العادة بطلت عند المتنورين منهم لان القدماء وكثيرين من العوام يعتقدون إن المرأتين تطردان الأرواح الخبيثة عن العروسة.

       وفي اليوم السابع يدعو الحمَ صهره وابنته معاً إلى داره ويعد لهما وليمة وهم يدعونها في اصطلاحهم "فتح الوجه" ذلك لان العريس لا يذهب إلى بيت حميه حياء وتأدباً مالم يدعه دعوة خصوصية وإذا لم يعد له مأدبة فعلى الأقل يعطيه صرة من الدنانير تكون بمثابة الدعوة.

 

 

 

 

أعلى الصفحة

  العودة للصفحة السابقة