ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

كتابات عامة

                                                                                                                                                    

 

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

 

شربــــــل

بشار واثق العبوسي

                                                                                                                                                           

 12 آب 2010

        

 

" القديس شربل"

 

    في بقاع كفرا شمالي لبنان وفي أعلى قرية من لبنان ، ولد يوسف بن أنطون بن زعرور مخلوف في 9 آيار 1828. وأمه بريجيتا، وسط عائلة عُرفت بالصلاح والتقوى. أظهر يوسف ميلاً إلى الصلاة منذ طفولته فلما كان يذهب إلى الحقل ليرعى البقر اعتاد أن يختلي في أحدى المناور ليصلي ويتأمل وحده.

  وفي عمر الثالث والعشرين ترك الضيعة وقصد الترهب في الرهبانية المارونية اللبنانية رغم محاولة عائلته إقناعه بإعادة النظر في دعوته إلا انه كان شديد البأس على ما عقد العزم عليه.

 دخل الابتداء في دير سيدة ميفوق ، ثم انتقل إلى دير مار مارون عنايا حيث أتم عامه الثاني من الابتداء. لبس ثوب الرهبنة سنة 1853 وقبله رئيس الدير بين المبتدئين باسم شربل ، وأرسل إلى دير كفيفان حيث قضى ست سنوات في دراسة الفلسفة واللاهوت وتربى هناك على أيدي رهبان قديسين ، مثل الأب نعمة الله الحرديني، المعروف بـ "قديس كفيفان" رسمه كاهناً في بكركي، المطران يوسف المريض في 23 تموز 1859 وكان عمره 31 سنة، على اثر ذلك رجع إلى دير مار مارون، حيثُ أمضى ستة عشرة سنة حسب قانون مار أنطونيوس الكبير.

   أجرى الله على يده في الدير آيات باهرة، منها "آية السراج" الذي ملأه له الخادم ماءً بدل الزيت، فأضاء له ساعات صلاته الليلية.

   طلب من رؤساءه بالهام الله الاستحباس في محبسه دير عنايا، فأذنوا له بذلك سنة 1875، حيث قضى فيها 23 سنة، لقد أطلق العنان في المحبسة، لكل رغائب قلبه السخي العطاء فزاد من أعماله التقشفية وزاد شغفاً بالتأمل والصلاة. ومن تقشفاته انه كان يركع على طبق من قصب ذي حروف شائكة ،يلبس المسح على جسده، ينام قليلاً ويصلي كثيراً ويعمل في الحقل عمل اليد بموجب قانون الحبساء، فقد كان الراهب شربل يقوم بأفعال إماتة قاسية جداً، مثل الامتناع عن اللحم بصورة دائمة، والصوم المستمر(وجبة واحدة أثناء النهار)، وقد عُرف بأحتشام للنظر فلم يره أحد ينظر إلى امرأة أو يحدق برجل حتى من إخوانه الرهبان واظهر حباً والتزاماً أميناً للصمت والسكون.

   وقد دهش إخوانه الرهبان من زخم حياة الصلاة التي كان يحياها.إذ كان من عادته بعد فرض منتصف الليل أن يمكث أمام المذبح متأملاً أو مصلياً حتى الصباح ، وكان من عادته أيضاً أن يخدم "قداديس" إخوانه الكهنة ثم يقدم الذبيحة الإلهية وقيل انه كان آخر من يترك الكنيسة وكانت قراءته المفضلة حسب ما يقال" الاقتداء بالمسيح". أما اجتهاده العلمي فيظهر انه كان محصوراً باللاهوت الأدبي.

   ودفعه حبه الأكبر للصمت والسكون إلى التقدم في حياته الرهبانية. فالتمس الإذن من رؤسائه بان ينسحب إلى محبسه مكرسة للقديسين الرسوليين بطرس وبولس، في عنايا على بعد حوالي الكيلومتر من الدير.وفي هذه الصومعة صرف السنوات الثلاث والعشرين من باقي حياته معرياً ذاته أكثر فأكثر من كل شيء إلا من الله مقدماً كيانه كله لله عز وجل محدثاً الله وحده، صاغياً إلى الله وحده سكراناً من الله وبه وفيه.

   لم يخرج من الدير لزيارة أفراد عائلته، إذ كان يرى" أن من يذهب ليزور عائلته ، عليه أن يعيد نذوره مرة أخرى فور رجوعه إلى الدير". ومرة أتت أمهُ لزيارته فظل شربل وراء باب الدير ولما عاتبته قائلة:"أهكذا تحرمني يابني من مشاهدة وجهك؟ أجابها: إن شاء الله سنرى بعضنا بعضاً في السماء، يا أماه والى ابد الآبدين".

   وكان الناس حوالي الدير، من مسيحيين ومسلمين يأتون إليه لينالوا بركته، زاعمين إن مرضاهم يشفون بوساطة صلاته وبركته.

   ويوم الجمعة في 6 كانون الأول 1898، حينما كان يقدم الذبيحة الإلهية، أصيب بالفالج لحظة كان يرفع الصينية والكأس قبيل الصلاة للرب حسب الطقس الماروني، لاهجاً بكلمات: "يا أبا الحق". دام مرضه ثمانية أيام تحمله بصفاء مزاج مدهش وثاقب ووعي نادر وإرادة من الصلب في خضوعها للقانون بحذافيره إلى آخر لحظة. فقد رفض كوباً من الحساء عندما لاحظ فيه قليلاً من الشحم ولما ألح أخ من إخوانه ليباركه رفض ، وكان يخفض قلنسوته على عينيه حسب تقليد الرهبان.

   وكان يردد في آخر لحظاته "يسوع، مريم، يوسف، يا قديس بولس، يا أبا الحق"

   وانتقل إلى الرب ليلة عيد الميلاد 1898، وقد خلعت عنه ثيابه، وجد لابساً المسح متمنطقاً بزنار من الشعر فوري جثمانه الثرى على عادة الرهبان بمقبرة الدير العامة، متسربلاً لباسه الرهباني وقد شاهد أهل الجوار ليلة دفنه نوراً يتلألأ فوق ضريحه وتكرر ظهور النور طوال 45 ليلة.

   ولكثرة الخوارق أذن البطريرك الياس الحويك بفتح قبره، فوجد جسمه سالماً من الفساد وجرى من خاصرته دم ممزوج بماء واخذ جثمانه ينضح عرقاً دموياً. وأعيد جثمانه إلى قبر جديد سنة 1926 وفي سنة 1950 في 22 نيسان كشفت على الجثمان لجنتان طبية وكنسية بان جثمانه سليماً صحيحاً كما كان قبلاً مغموراً بدمه الراشح منه. وانتشر خبر هذه الظاهرة، فتهافت الناس الوفاً إلى الدير فتكاثرت حول الضريح حوادث الشفاء من أمراض متنوعة مستعصية فضج لبنان والعالم بأخبار هذه الحوادث الخارقة، وتماوج الزوار في أروقة الدير كبحر زاخر مصلين تائبين، خاشعين.

   وفي سنة 1965، في ختام المجمع الفاتيكاني الثاني، رفعه قداسة البابا بولس السادس إلى شرف الإكرام على المذابح وأحصاه في مصايف الطوباويين. وقد شيدت على أسمه كنيسة في عنايا قرب ضريحه تعد اليوم من أجمل كنائس الشرق

   وقد أعلن قداسه البابا بولس السادس نفسه الطوباوي شربل قديساً في التاسع من شهر تشرين الأول 1977.

                             وصلاة القديس شربل مع جميع المسيحيين – آمــــــــــــين-

 

 

 

أعلى الصفحة

  العودة للصفحة السابقة