ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

كتابات وخواطر دينية

 

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

 

ناســك أعمـــى

بنت السريان سعاد البناء

souadissa2@yahoo.com

 

                                                                                                                                 

 18 نيســان 2010

 

راهبٌ، ناسكٌ، متعبدٌ، تجاوزَ السبعينَ من عمُرِه ِ، أُصيب بالعمى...
بكى بعُمق شاكراً  ...
لم يتأففْ مطلقاً ...
ولم يتجاسرْ لقولِ كلمةِ عتاب ٍ بتاتاً ....
واصل حياته لله مسبحاً ومباركاً....
يخدمُ القداسَ الإلهي ّفي كنيسته مع كاهن آخرشريكاً....
سنين طويلة من الخدمةِ والزهدِ، كُلِّلَتْ بتاج العمى...


أهو امتحانٌ ؟
 أم إحدى تجارب ابليس؟
 أم هو كبر السن؟


كثيرون  هم المسنين اللذين يتمتعون بنظر جيِّد...
لكن لله أحكامٌ في خلقه,تفوقُ إدراك عقل البشر...


إمنحني أن أعاين نورك الحقيقي ببصيرتي، لطالما حُرمت من نعمة بصري...
هب لي أن ألهج بكلامك ليلا ونهارا، واجعلني فماً يُرتِّل لك ترانيمَ المجد في ملكوتك...
وكأني بالراهبِ العابدِ، لا يفتر عن حمد الله وتسبيحه...
وفقدانه بصرَه زاده إيماناُ وثباتاُ بيسوع....
 

  وذات يوم والناسك الأعمى، وهو واقف على المذبح يصلي، تماما بعد حلول الروح القدس وتحول الخبز والخمر إلى جسد ودم الرب يسوع....
 

صمت....
 

  صمت في لحظة معينة، وطال صمته، ولم يعدْ يستطيعُ ْأنْ يُكْمِلَ الصلاة....
فظنَّ الجميعُ أنه قد نسي لكبر سنه، فأخذ الكاهن الآخر، يذكره بالجزء الذي وقف عنده، ويعينه على متابعة الصلاة....
  لكنه لم يستطع أن ينطق، عُقِد لسانهُ وسُمَّر واقفا دون حراك، وعيناه تتطلعُ تشيران  لأمر قد جرى، وصمتَ الجميع، وقد أصابتهم الدهشةَ ََوالرهبةَ َممتزجةً ًبآن واحد....
 

  فالراهبُ واقفُ مبهوتاً لأن المنظرَ الذي كُشِفَ أمامَه وهو أعمى. كان عظيماً ورهيباً...
 

رأى جسدَ الربِّ يسوعَ المسيحِ بهيئة ٍظاهرة...
رآه بأُمِّ عينيْه، فتقدّمَ وأمْسكَ بلفافةٍ وغطَّى بها الصينية...


يا للعجب العجاب؟! أعمى يرتقي درجات المذبح ويغطي الصينية بلفافة؟ّّّ!!!!!!!
 

ترى كيف فعل ذلك؟!!!!!!!
 

  ظنَّ الكاهن الآخر أنّه جاهل بالطقوس، أو قد نسي  لتقدمه بالعمر، لذلك غطَّى الصينيةَ في غير موعِدِها...
 

  وبعد قليل إنفكَّتْ عُقدةَُ لسانِ الراهبِ وأكملَ الصلاة، وحينما إنتهى إستدارَ بجوارِ الستارِ وظلَّ يبكي طَوالَ القدّاس....


بكى لعظمةِ وقدرة ِاللإلهِ الحيّ يسوعٌ المسيح...
بكى لأنه أعمى والله كشف َلهُ سَّر الأسرار...
بكى على البشرية الآثمة التي تصلب المسيح كل يوم...
ونحن جميعنا متطلعين وغير آبهين , بل مشتركين...
بكى لأن المؤمنين في بحر عالم زائل غارقين...
بكى علينا نحن الغير مستحقين...
تناول جسد الرب ودمه , لما بيننا من منازعات  وحقد دفين...
بكى من أجلنا نحن الخطاة الآثمين...
 

لعلنا نتعظ عندما نقرا عجائب رب العالمين...
بكى لعلنا معه نبكي تائبين...
كفى كبرياء، كفى ضغينة، كفى قولاً مُشين...
 

لنكن متسامحين، وبالمحبة مملوئين، ولوصايا الرب سامعين..
 

إني أعظ نفسي قبلكم أجمعين
فالرب موجود بيننا  في الكنيسة، في صلاة القداس الإلهي، فكم  وكم رتَّلنا صلاة....
 

جند السماء ترافقنا إلى المذبح الأقدس...
وتزيّح جسد ودم ابن الله الذي يذبح...
 

أمامنا ولأجلنا فلنأخذه بخشوع ٍويقين واستحقاق...
يمنحنا محو الذنوب والصفح عن الآثام...
البركة لمن  قرأ، وتأمل، واتَّعَظ َ، من قصة هذا  الناسك الأمين.


 



-------------------------------------

---------------------------

 

أعلى الصفحة

العودة للصفحة السابقة